اجتماع طارئ لحرب جديدة… أم معركة على السعرات الحرارية ؟

 اجتماع طارئ لحرب جديدة… أم معركة على السعرات الحرارية ؟

اجتماع طارئ لحرب جديدة… أم معركة على السعرات الحرارية ؟

علي منصور – ليبانغيت

ضجّت الولايات المتحدة والعالم على مدى أيامٍ  باجتماع استثنائي دعا إليه الرئيس دونالد ترامب ووزير دفاعه بيت هيغسِث في قاعدة كوانتيكو بفيرجينيا، حيث استُدعي مئات الجنرالات والأدميرالات دفعة واحدة في مشهد غير مسبوق. الإعلام الأميركي والدولي تلقّف الخبر على أنه مؤشر خطير: هل نحن أمام ترتيبات لحرب كبرى؟ أم أنّ أزمة أمنية دفعت واشنطن إلى استنفار المؤسسة العسكرية بهذا الشكل؟

غير أنّ ما خرج إلى العلن بدا، للوهلة الأولى، أقرب إلى الكوميديا السوداء: الوزير هيغسِث اعتلى المنبر ليهاجم “الجنرالات السُمناء”، معلناً أنّ رؤية قادة عسكريين بدناء في البنتاغون أمر “غير مقبول على الإطلاق”، وكاشفاً عن خطط لتشديد معايير اللياقة البدنية والوزن والطول. ومع ذلك، فإنّ قراءة المشهد بعقلٍ بارد  تكشف أنّ ما قيل ليس  سوى “واجهة” تمويهية، أخفت خلفها نقاشات أكثر خطورة.

الاجتماع غير العادي

من الناحية الشكلية، استدعاء هذا العدد الضخم من كبار قادة الجيش الأميركي إلى اجتماع واحد بحضور الرئيس، يطرح علامات استفهام كبرى. فمثل هذه اللقاءات تحصل عادة في سياقات الحرب أو القرارات المفصلية. أما قضايا اللياقة والوزن فهي تُعالج عبر أوامر إدارية داخلية، ولا تحتاج إلى مشهدية استعراضية بهذا الحجم.

التوقيت السياسي

الاجتماع جاء في لحظة إقليمية حساسة:

1- غزة على فوهة بركان مع استمرار العدوان الإسرائيلي واحتمالات توسّعه إذا رفضت حماس الخطة الأميركية .

2- لبنان يعيش توتراً متصاعداً مع فشل مشروع نزع السلاح واستمرار الغارات المتكرّرة على الجنوب والبقاع .

3- إيران في مواجهة مباشرة مع واشنطن بعد تفعيل آلية الزناد .

4- روسيا والصين تراقبان وتتحيّنان

اللحظة لاستغلال أي ضعف أميركي.

5- توتر مع فنزويلا ورفع مستوى الضغط بوجه الرئيس نيكولاس مادورو .

كل هذه الملفات تجعل من الصعب تصديق أن ترامب وهيغسِث أرادا فقط “محاربة الكرش”.

السمنة كأداة إعلامية للتمويه

لكن لماذا التركيز على “السمنة” إذن؟

– داخلياً: أراد هيغسِث تقديم صورة شعبوية، توحي بأن الإدارة الجمهورية تعيد الانضباط إلى الجيش وتكسر “ثقافة التراخي”.

– إعلامياً: أطلق مادة سهلة للهضم تملأ العناوين، فيصرف النظر عن جوهر ما نوقش خلف الأبواب المغلقة.

– سياسيًّا: فتح الباب أمام السخرية المتبادلة، وهي مسألة كافية للتغطية والتمويه، ويستسيغها الجمهور الأميركي، ولا سيّما الديمقراطيين، مثل حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم الذي سخر من ترامب نفسه، معتبراً أنّ القائد الأعلى سيكون أوّل من يُقصى لو طُبِّقت هذه القواعد

ماذا جرى خلف الستار؟

من المرجّح أن يكون الاجتماع قد تناول:

1- إعادة هيكلة القيادة العسكرية بما يضمن الولاء التام لترامب، بعد سنوات من التوتر بينه وبين البنتاغون.

2- وضع خطط طارئة لمسرح الشرق الأوسط، سواء في غزة أو لبنان أو ضد إيران.

3- رسم استراتيجية مواجهة مع القوى الكبرى، في ظلّ تحولات ميزان القوى مع روسيا والصين.

4- تقييم لإمكانية توسيع الضربات العسكرية لفنزويلا .

إذاً، بينما انشغل الإعلام الأميركي والعالمي بنكات عن “الجنرالات السُمناء” وصور ترامب مع وجبات “ماكدونالدز”، قد يكون ما جرى في كوانتيكو أبعد بكثير من مجرد نقاش حول الوزن والطول. الأرجح أنّ “السمنة” كانت غطاءً إعلامياً لصرف الأنظار، فيما القرارات الحقيقية صيغت بعيداً عن الكاميرات.

مقالات ذات صلة