بيان بلا جاني: مجلس الأمن يُدين “الضربات في الدوحة”… وإسرائيل قادرة على التصفيق!

 بيان بلا جاني: مجلس الأمن يُدين “الضربات في الدوحة”… وإسرائيل قادرة على التصفيق!

بيان بلا جاني: مجلس الأمن يُدين “الضربات في الدوحة”… وإسرائيل قادرة على التصفيق!

خاص – ليبانغيت

في خطوة وُصفت بـ”الاستثنائية”، أصدر مجلس الأمن الدولي بياناً صحفياً  بالإجماع يدين الغارات التي وقعت في الدوحة في 9 أيلول/سبتمبر 2025، معبّراً عن أسفه لسقوط ضحايا مدنيين، ومؤكداً دعمه لسيادة قطر ولدورها في الوساطة. غير أنّ البيان، رغم نبرته الإنسانية العالية، تجنّب تسمية إسرائيل بالاسم، مكتفياً بالإشارة إلى “الضربات”. وهكذا، تحوّل النص الأممي إلى مرآة ساخرة: يمكن للضحايا قراءته كإدانة لإسرائيل، فيما يمكن لإسرائيل أن تقرأه كتنديد بضربات مجهولة الفاعل.

البيان الذي صدر شدّد على إدانة الضربات في الدوحة وأسف لسقوط مدنيين، وأكد تضامن المجلس مع قطر واحترام سيادتها وسلامة أراضيها وفق ميثاق الأمم المتحدة. كما أشاد بالدور الحيوي الذي تلعبه الدوحة، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، في جهود الوساطة الرامية إلى إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب في غزة، داعياً جميع الأطراف إلى اغتنام الفرص الدبلوماسية المتاحة وممارسة أقصى درجات ضبط النفس. لكن الأبرز أنّ النص لم يتضمن اسم إسرائيل على الإطلاق، ما جعله يبدو أشبه بتقريرٍ عن زلزال أو كارثة طبيعية أكثر منه إدانة لعمل عسكري متعمّد.

هنا تكمن المفارقة: فبيان المجلس يتحدث عن جريمة بلا مجرم. فالفاعل مجهول الهوية، واللغة المستخدمة صالحة للجميع. يمكن لإسرائيل أن توافق على النص وأن تُعلن، بلا حرج، تضامنها مع الضحايا والتنديد بـ“الضربات”، من دون أن تشعر أنها في قفص الاتهام. بل يمكن لتل أبيب أن تجد في البيان مكسباً سياسياً: إدانة بلا اسم، وسيادة بلا سيّد. أشبه بمحقق شرطة يكتب في المحضر: “حدث اقتحام للمنزل… لكننا لا نذكر اسم اللص.”

قيمة البيان إذن تبقى سياسية ومعنوية فقط. فهو بيان صحفي، لا قرار صادر تحت الفصل السابع، وبالتالي لا يحمل قوة إلزامية أو آليات تنفيذ. أهميته تكمن في أنه صدر بإجماع الأعضاء الخمسة عشر، وهو أمر نادر في الملفات المتعلقة بإسرائيل. لكن هذه “المرة  النادرة” لم تتحقق إلا بفضل لغة التعويم التي سمحت لواشنطن بالتوقيع، شرط أن يظل اسم إسرائيل خارج النص.

بهذا الشكل، خرج مجلس الأمن ببيانٍ “توافقي” يرضي جميع الأطراف… ما عدا الضحايا. ورقة يمكن أن تُعلّق في مكتب وزير الخارجية القطري كإدانة لإسرائيل، وبالمقدار نفسه في مكتب نتنياهو كتبرئة ضمنية. دبلوماسية أممية بوجهين: أحدهما للضحايا، والآخر للفاعل الذي لم يُذكر اسمه.

مقالات ذات صلة