خوارزميات الإبادة… الذكاء الاصطناعي على خط النار

 خوارزميات الإبادة… الذكاء الاصطناعي على خط النار

 

خاص – ليبانغيت

المفترض أن يكون الذكاء الاصطناعي أداةً لتطوير التعليم والطبّ والاتصال وكل ما يتصل بتأمين رفاهية الإنسان . لكن الواقع يكشف أنّه تحوّل في يد إسرائيل إلى أداة لـ”خوارزميات القتل”. هكذا بدا المشهد بعد تقارير دولية وصحافية وضعت شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى—غوغل، أمازون، ومايكروسوفت—في قلب ماكينة الحرب الإسرائيلية على غزة، بل حوّلت هذه الشركات التكنولوجيا إلى شريك استراتيجي في صناعة الحرب .

من “الحوسبة السحابية” إلى “غيمة الدم”

في العام 2021، وُقّع عقد ضخم بقيمة 1.2 مليار دولار بين إسرائيل وكلّ من غوغل وأمازون، تحت اسم Project Nimbus. الهدف المعلن: تحديث البنية التكنولوجية الحكومية. لكنّ البند الأخطر فيه ينصّ على منع رفض الخدمة لأي جهة إسرائيلية، بما في ذلك الجيش وأجهزة المخابرات.

مع اندلاع حرب غزة في أكتوبر 2023، اتضح أن هذه “البنية السحابية” لم تبقَ حيادية. تقارير صحافية أشارت إلى أنّ الجيش الإسرائيلي استخدم خوادم Amazon Web Services (AWS) لتخزين كمّ هائل من بيانات سكان القطاع، بما فيها تسجيلات صوتية وصور، جرى تحليلها لاحقًا في عمليات تحديد الأهداف. وفي الوقت نفسه، قدّمت Microsoft Azure دعماً فنياً بقيمة ملايين الدولارات للجيش، مما مكّن وحداته من استخدام خدمات سحابية وذكاء اصطناعي في عمليات قتالية.

الذكاء الاصطناعي على خط النار

الأخطر كان في دور غوغل. فبعد السابع من أكتوبر، استعجلت وزارة الدفاع الإسرائيلية الوصول إلى أدوات Vertex AI، وحصلت على إمكانية استخدام نماذج Gemini لتحليل الصور والتعرف على الوجوه.

لكن هذا ليس كل شيء. تقارير متقاطعة كشفت عن أنظمة تحمل أسماء مثيرة مثل:

1-برنامج ( Lavender ) لتصنيف الأفراد المشتبه بهم كمقاتلين.

2-خوارزميات لمطابقة المواقع والأهداف.(Gospel” و “Where’s Daddy)

هذه الأدوات قدّمت للجيش الإسرائيلي قدرة على “أتمتة” القتل، أي تحويل قرار استهداف المنازل إلى عملية شبه آلية، تُصدر توصياتها خوارزميات غير دقيقة، وتُنفَّذ على أرضٍ مزدحمة بالمدنيين.

الشركات تبرّر… والموظفون يحتجّون

أمام سيل الاتهامات، حاولت الشركات الثلاث التنصّل. مايكروسوفت اعترفت فعليًا بتقديم خدمات للجيش الإسرائيلي، لكنها ادّعت أنّها لا تملك رؤية واضحة لكيفية استخدام تلك الخدمات. أما غوغل وأمازون، فاختبأتا وراء ستار “الاستخدام المزدوج” للتكنولوجيا: يمكن أن تكون للتعليم أو للصحة، كما يمكن أن تُستخدم في الحرب.

لكن داخل المكاتب، كان الغضب يتصاعد.ففي غوغل، طُرد أكثر من 50 موظفًا بعد احتجاجهم على عقد Nimbus. وفي مايكروسوفت، رفع عاملون شعار No Azure for Apartheid، واحتجوا خلال احتفاليات الشركة. أما أمازون، فواجهت حملة داخلية مشابهة تحت عنوان No Tech for Apartheid.

المفارقة أنّ شركاتٍ تُسوّق نفسها كقادة الأخلاق والشفافية، وجدت نفسها متهمة بالتورط في إبادة جماعية، وفق تقارير أممية.

الربح أولاً… أرصدة في “بنك الدم”

في يوليو 2025، خرجت مقرّرة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية بتقرير صادم، ذكرت فيه بالاسم شركات مثل غوغل، مايكروسوفت، أمازون، وحتى IBM، واتهمتها بالمساهمة في “إدامة الحرب على غزة” عبر صفقات بمليارات الدولارات. بالنسبة للمراقبين، كان هذا تأكيدًا على أنّ “الاقتصاد الرقمي” صار جزءًا لا يتجزأ من “اقتصاد الحرب”.

حين تُصنَّع الحرب بالبرمجة

منذ فترة ليست ببعيدة، كانت الحرب تُدار بالدبابات والطائرات. اليوم، تُدار بالـ API والخوارزميات والسيرفرات السحابية. ما يثير الفزع أنّ قرار الحياة والموت لم يعد بيد جنرال يطلّ من غرفة عمليات، بل بيد كود برمجي قد يُخطئ أو ينحاز.

هكذا، يصبح السؤال: هل ما نشهده هو حرب تقليدية على غزة، أم تجربة أولى في “حرب الخوارزميات” حيث تتحوّل التكنولوجيا إلى شريكٍ صامت في صناعة الموت؟

خوارزميات على خط النار
‏Project Nimbus
عقد بقيمة 1.2 مليار دولار بين إسرائيل وكلّ من غوغل وأمازون (2021)، لتوفير بنية تحتية سحابية محلية. ممنوع فيه رفض الخدمة لأي جهة حكومية أو عسكرية إسرائيلية.
‏Vertex AI (Google)
منصة ذكاء اصطناعي تُستخدم لتحليل البيانات والصور. حصل الجيش الإسرائيلي على وصول مباشر إليها بعد 7 أكتوبر.
‏Gemini (Google)
نموذج لغوي وتصويري متطور، استُخدم في مهام التعرف على الوجوه وتحليل الصور الجوية.
‏Lavender
برنامج أوتوماتيكي لتصنيف الأفراد كمقاتلين محتملين، بنسبة خطأ عالية، لكنه استُخدم كقاعدة بيانات للأهداف.
‏Gospel
خوارزمية لاقتراح أهداف بناءً على مطابقة المواقع والأنماط السلوكية.

‏Where’s Daddy
نظام يتعقب تحركات الأشخاص المستهدفين لمعرفة لحظة وجودهم في المنزل، ما جعل استهداف العائلات “أكثر سهولة”.

مقالات ذات صلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *