اتفاقية الدفاع السعودي–الباكستاني… والتقارب التركي–المصري: نحو محور رباعي أم مجرد تقاطع مصالح؟
اتفاقية الدفاع السعودي–الباكستاني… والتقارب التركي–المصري: نحو محور رباعي أم مجرد تقاطع مصالح؟
علي منصور – ليبانغيت
1- السعودية وباكستان: مظلة جديدة للردع
توقيع الرياض وإسلام آباد اتفاقية دفاع مشترك أعاد ترتيب التوازنات الإقليمية. الاتفاق ليس مجرد تدريبات أو صفقات سلاح، بل إعلان التزام سياسي بأن أي تهديد لأحدهما سيُواجَه بردّ من الطرف الآخر. بالنسبة للسعودية، هو تعزيز للأمن بعد اهتزاز الثقة بالمظلة الأميركية، واستثمار في “الظل النووي الباكستاني” كعامل ردع غير مباشر. أما باكستان، فهي تربط نفسها بمركز مالي–سياسي قادر على إنقاذ اقتصادها المتعثر وتوسيع صناعتها العسكرية.
هذا التطور يضع إسرائيل أمام معادلة جديدة: لم يعد أمن الخليج رهينة قرار واشنطن وحدها. دخول قوة نووية كبرى في حسابات المنطقة، ولو بصورة غير مباشرة، يفرض على تل أبيب إعادة توزيع مواردها العسكرية تحسبًا لجبهات أوسع.
2- التقارب التركي–المصري: من الخصومة إلى المناورات
أنقرة والقاهرة انتقلتا من سنوات القطيعة إلى تعاون عسكري متسارع. المناورات البحرية المشتركة في شرق المتوسط، ومشاريع تصنيع مسيّرات تركية داخل مصر، تعكس حجم التحول. الهدف مزدوج: تخفيف التوتر على ثروات الغاز البحرية، وبناء قاعدة صناعية–تصديرية تخدم الطرفين وتفتح أسواقًا عربية وأفريقية.
هذا التقارب يمنح كلًّا من تركيا ومصر ورقة قوة إضافية في المساومة مع القوى الكبرى، ويعيد صياغة التوازن في شرق المتوسط بعيدًا عن لغة الصراع.
3- هل يتشكل محور رباعي؟
السعودية، باكستان، تركيا، ومصر… أربع دول يجمعها:
– تكامل القدرات: المال السعودي، الردع النووي الباكستاني، الصناعات التركية، والوزن العسكري–الديمغرافي المصري.
– أمن البحر الأحمر والمتوسط: ملف الطاقة والممرات البحرية يفرض تنسيقًا أكبر.
– توازن مع إسرائيل وإيران: ليس تحالف مواجهة مباشر، بل شبكة ردع وتعاون مرن.
لكن حدود هذا المحور واضحة: حساسية علاقات الخليج مع الهند، التباينات في الموقف من إيران، وحداثة المصالحة التركية–المصرية. لذلك الأرجح أن نشهد تنسيقًا مرنًا متعدد الأطراف (مناورات، صناعات، تبادل معلومات) بدل معاهدة دفاع مُلزِمة.
4- سؤال معلق: أين الدفاع السعودي–المصري؟
رغم الشراكة العميقة بين القاهرة والرياض، لم تُوقّع معاهدة دفاع مشترك. السبب ليس ضعف العلاقة، بل العكس: المرونة أكثر فائدة. معاهدة ملزمة قد تُقيّد قرار كل طرف أمام واشنطن أو في صراعات إقليمية لا يرغب بالدخول فيها. التنسيق الأمني والمالي والسياسي القائم يكفي لتحقيق الردع من دون أعباء الالتزامات التلقائية.
يبقى السؤال: هل تستطيع هذه الدول أن تتحول من مجرد “تنسيق ظرفي” إلى تحالف استراتيجي جديد يغيّر موازين الشرق الأوسط، أم أن الحسابات الوطنية ستبقي كل طرف في مساره الخاص؟