استقبلنا جورج… وودّعنا زياد

في لحظة واحدة، اختلطت الدموع: بعضها فرحٌ… وبعضها فَقْد.
بالأمس، تنفّس الوطن قليلًا وهو يرى جورج إبراهيم عبدالله يعبر بوابة الحرية بعد 41 عاماً من السجن في فرنسا.
عانقناه عن بُعد، وصفّقت له القلوب قبل الأيادي، وشعرنا – ولو لحظة – أن الحرية قد تتأخر ، لكنها لا تموت.
لكن صباح اليوم، خُطف منّا الوطن بصوت آخر.
زياد الرحباني، ذاك الذي لم يغنِّ للسلطة يومًا، ولم يكتب من أجل التصفيق، غادر بصمت يشبه صوته حين يُخفضه ليسخر… أو حين يرفعه ليصرخ في وجه الطغيان.
كأنها مزحة سوداء … يعود المقاوم من زنزانته، في اللحظة نفسها يغادر شاعرنا الساخر، بموسيقاه الغاضبة . في نفس اللحظة يرحل كاتبنا الذي علّمنا أن الضحك قد يكون أقسى من البكاء.
زياد لم يكن فنانًا فقط.
كان مرآةً لأوجاعنا وأفراحنا … تمامًا كما كان جورج مرآةً لصمودنا.
الأول قاوم بالصمود ، والثاني قاوم بالسخرية ، و الاثنين اختارا أن يقفا في صفّ الناس وفي صفّ الفقراء والمظلومين .
بالأمس، قلنا: “أهلاً بك يا جورج”…
واليوم نقول: “ وداعاً يا زياد”.
فرحة لم تكتمل؟
نعم. لأن الوطن لا يعرف الفرح الكامل…
دائمًا هناك ظلّ، نقصٌ، دمعة، أو خسارة.
وداعًا زياد…
مرحبًا جورج…
أما لبنان، فواقف بينكما، على شرفة الإنتظار .