الفاتيكان والمثلية… انحراف عقائدي تحت عباءة “الرحمة”

الفاتيكان والمثلية… انحراف عقائدي تحت عباءة “الرحمة”
فادي خوري – ليبانغيت
ما جرى اليوم ( السبت 6 أيلول 2025) في كاتدرائية القديس بطرس لم يكن حدثًا رعويًا عابرًا، بل جرس إنذار يهدّد هوية الكنيسة الكاثوليكية برمّتها. السماح بتنظيم حجّ لمجتمع الميم (LGBTQ+) إلى “الباب المقدّس” ليس علامة انفتاح، بل خطوة خطيرة تفتح باب الانزلاق العقائدي تحت شعار “الرحمة” و”الاحتضان”.
من فرنسيس إلى ليو الرابع عشر… المسار يتواصل
البابا فرنسيس، خلال حبريته (2013–2025)، رسّخ نهج التساهل حين أطلق عبارته الشهيرة “من أنالأحكم؟”، فكانت الشرارة التي فتحت المجال أمام تمييع الحدود بين الحقّ والخطيئة. واليوم، في عهد البابا ليو الرابع عشر، يُترك هذا الإرث ليتحوّل إلى خطوات عملية تهدّد بتشويه التعليم الكاثوليكي الثابت. صمته وعدم اعتراضه على الحجّ، بل دعمه الضمني له، لا يُقرأ إلا كقبول باستمرار هذا المسار المريب.
العقيدة ليست مجالًا للتجريب
الكنيسة لم تُبنَ على أهواء العصور ولا على صرعات المجتمعات، بل على تعليم إلهي ثابت. منذ قرون، كان الموقف واضحًا: المثلية خطيئة، والزواج سرّ مقدس لا يكون إلا بين رجل وامرأة. السماح للمثليين بعبور “الباب المقدس” كحجاج رسميين، يعني عمليًا مساواة الخطيئة بالفضيلة، والهرطقة بالقداسة.
خطر “التساهل الرعوي”
التساهل الرعوي قد يبدو في ظاهره عاطفة إنسانية، لكنه في جوهره سلاح يفتك بالعقيدة. من يظن أن الرحمة تعني مسح الحدود بين الخير والشر، يُسقط معنى الرحمة نفسها. فالرحمة الحقيقية تُبنى على التوبة والعودة إلى الحق، لا على شرعنة الخطيئة وإلباسها ثوب القبول الكنسي.
الكنيسة بين الإيمان والذوبان
ما يحدث اليوم يضع الكنيسة أمام خيار مصيري: إما التمسّك بالحق الإلهي مهما كلف الثمن، أو الذوبان في موجة الحداثة الزائفة التي تحوّل “الرحمة” إلى سيف مسلّط على العقيدة. وإذا لم يوقف البابا ليو الرابع عشر هذا الانحدار، فإن حبريته ستسجَّل في التاريخ كبداية مرحلة التفكك العقائدي للكنيسة الكاثوليكية.
الرحمة لا تُلغي الحق، والانفتاح لا يعني التنازل عن العقيدة. وما جرى في روما ليس إنجازًا رعويًا، بل تسليمًا تدريجيًا لمفاتيح الكنيسة لقيم غريبة عنها. وإذا لم يُرفع الصوت عاليًا اليوم، فلن يبقى غدًا ما ندافع عنه من ثوابت أو إيمان.