بومبيي… المدينة التي عادت من تحت الرماد

 بومبيي… المدينة التي عادت من تحت الرماد

بومبيي… المدينة التي عادت من تحت الرماد

ليبانغيت

في صيف عام 79 ميلادي، دوّى انفجار بركان فيزوف ليغمر مدينة بومبيي الرومانية وما حولها بسُحُب من الرماد والصخور البركانية. عشرات آلاف السكان فرّوا مذعورين، فيما ابتلع الرماد من لم يتمكن من النجاة، وحوّل شوارع المدينة إلى مقبرة صامتة متحجرة. كتب بليني الأصغر في رسائله عن المشهد المروّع: “نهارٌ تحول إلى ليل، والأرض تهتزّ كما لو كانت تودّعنا إلى الأبد.”

لكن المفاجئ أن قصة بومبيي لم تنتهِ عند هذه اللحظة. دراسة حديثة تكشف أن ما يقارب 30 ألف روماني نزحوا عن المنطقة، غير أنّ بعضهم عاد بعد الكارثة ليحاول إعادة الحياة إلى أنقاض المدينة. لم تكن بومبيي تلك التي عرفوها: الشوارع تحوّلت إلى ممرات من الرماد، والمباني الفخمة صارت أطلالًا، إلا أنّ بعض الناجين أعادوا بناء مساكن بسيطة، فظهرت “مدينة رماد” جديدة — هشة، متواضعة، لكنها حيّة.

هذا المشهد يذكّرنا بما كتبه المؤرخ الروماني كاسيوس ديو: “المدن قد تُدمَّر، لكن البشر بطبعهم يحنّون إلى جذورهم.” هكذا، لم يستسلم بعض الناجين لقدر البركان، بل عادوا ليقيموا أكواخًا فوق الركام، ويزرعوا الأرض الموحلة، وكأنهم يثبتون أن إرادة البقاء أقوى من غضب الطبيعة.

اليوم، حين نسير بين أنقاض بومبيي المحفوظة تحت الرماد، نكتشف أنها لم تكن مجرد مدينة ماتت في يوم واحد، بل مدينة عاشت “حياة ثانية” قصيرة، كأشباح تحاول أن تتمسك بالوجود. إنها قصة الحضارة التي تنهض حتى من تحت الرماد… ولو لتعيش بشكل آخر.

مقالات ذات صلة