ترامب يختبر عسكرة النظام… لحظة الرايخستاغ الأميركي

 ترامب يختبر عسكرة النظام… لحظة الرايخستاغ الأميركي

علي منصور

ليس الأمر مجرّد حرس وطني في شوارع واشنطن، ولا هو فقط وضع شرطة العاصمة تحت سلطة فدرالية. ما يجري هو تنفيذ بطيء، متدرّج، لفكرة خطيرة ظلّت تراود ترامب منذ أول يوم له في المكتب البيضاوي: إدخال الجيش في السياسة الداخلية وتحويله أداةً في يده.

اليوم، يضع ترامب حجرًا جديدًا في هذا المسار، بعد أن كرّر مشهد “القوة” الذي جرّبه في لوس أنجلوس، وأعلن أنه مستعد لتصدير الوصفة إلى مدن أخرى. هذه ليست “حملة أمنية” كما يحلو لأنصاره تسميتها… بل اختبار صارخ لمدى تقبّل الأميركيين لعسكرة حياتهم اليومية.

أصوات من قلب البنتاغون

هذه ليست تحليلات إعلامية أو تخمينات خصوم سياسيين. هذا ما قاله جيم ماتيس، ومارك إسبر، وجون كيلي، ومارك ميلي، وهم أعلى من خدم تحت إمرته:
ماتيس حذّر من أن عسكرة الداخل تدمر الثقة بين الجيش والشعب.
إسبر روى كيف فكر ترامب علناً بإطلاق النار على المتظاهرين “في الأرجل”.
كيلي أكّد أن الرئيس كان يحتاج تذكيراً مستمراً بأن الجيش ليس أداة انتخابية، لكنه لم يتوقف عن الضغط.
ميلي ذهب أبعد، ورأى أن ترامب قد يستغل الفوضى كذريعة لفرض سيطرة مطلقة، مشبهاً اللحظة بما فعله النازيون في “الرايخستاغ”.

الحواجز تتهاوى

في ولايته الأولى، كانت هناك مؤسسات وقوانين ومحيطون به قادرون على فرملته. أما الآن، فهذه الحواجز تضعف، و”التجربة” تتحوّل إلى “سابقة”، والسوابق في السياسة كالفيروسات… تتكاثر وتتمدد.

من الاستعراض إلى الواقع

الخطر ليس في صورة الجندي في الشارع، بل في اعتياد الأميركيين على وجوده هناك. في اللحظة التي يصبح فيها الجيش جزءاً من المشهد السياسي، تكون الديمقراطية الأميركية قد فقدت أحد أهم خطوط دفاعها… دون إطلاق رصاصة واحدة.

ترامب اليوم لا يلوّح بالعسكر فقط… بل يدرّب الشعب على رؤيته كأمر طبيعي. وهذا أخطر أشكال الانقلاب حين يتم والناس تبتسم للكاميرا.

مقالات ذات صلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *