صوت الحقيقة في وجه القصف والجوع … سيرة أنس الشريف ومحمد قريقع في تغطية أهوال غزة .

علي منصور
في خيام مواجهة للقصف والدمار أمام مستشفى الشفاء وسط قطاع غزة، وقف مراسلا الجزيرة، أنس الشريف ومحمد قريقع، كقصيدتين تنبضان في العين ونبض الكاميرا. لم تكن التغطية الصحفية هناك سياقًا عابرًا أو مجرد أرقام، بل شجاعة تُسطَّر بأسلوب يوثّق الظلم والقهر والألم والمعاناة.
أنس الشريف: عين تنقل الموت لتوقظ الضمير
أنس الشريف، المخرج الصحفي، عُرف برباطة جأش نادرة في زمن يتراجع فيه الصوت أمام دوي الطائرات. ظل يبث من قلب الحصار، رغم تهديد الاحتلال ومحاولاته المستمرة لإسكاته، يرسل المشهد ولو بجودة متواضعة، لكن بصدق الروح.
محمد قريقع: الصوت الذي لم يئن أمام الحصار
إلى جانب أنس، كان محمد قريقع يعمل بخشوع في خدمة الحقيقة. مثله، كان المراسل الذي آمن أن التغريدة الخجولة أو الصورة المهملة قد تلهم العالم بالعدالة. الهواء المشحون بالذخيرة لم يثنه، والخوف القاتل لم يدفعه للرحيل.
لحظة الوداع: غارة تغتال الكاميرات… والصمت يصبح شهادة
في مساء الأحد، 10 آب/أغسطس 2025، وقعت الكارثة. قصفٌ إسرائيلي استهدف خيمة الصحفيين أمام مستشفى الشفاء، فأودى بحياتهما على الفور؛ استشهد أنس الشريف ومحمد قريقع أثناء تأديتهما لواجبهما المهني.
مجد الصوت المكلوم في فوهة القصف
هؤلاء الصحفيون لم يكونوا مجرد ناقلي خبر، بل كانوا أوتارًا تضغط على زوايا الجريمة لتخرج الحقيقة إلى الشمس. جثماناهما غنيّان بالرسائل: أن الاحتلال لا يغتال الأرواح فقط، بل يحاول إسكات القلم، لكنه لا يدرك أن الدماء أحيانًا تصبح شهادة تتحدث بصوت أعلى من القصف.
إن ذكرهما هنا ليس مجرد تقرير، بل تكريم لما أنجزاه وما تركاه من أثر في الذاكرة الإنسانية. إن نشر قصتهما نداءٌ إلى العالم: لا تدعوا مقتل الصحفيين يمرّ، فالحقيقة باقية مهما حاول الظلم خنقها