طرد السفير الإيراني من استراليا … رسالة أمنية أم محاولة لاسترضاء إسرائيل؟

أستراليا تطرد السفير الإيراني… رسالة أمنية أم محاولة لاسترضاء إسرائيل؟
علي منصور
أعلنت كانبيرا طرد السفير الإيراني و3 دبلوماسيين بعد أن خلصت الاستخبارات الأسترالية (ASIO) إلى أنّ طهران — عبر الحرس الثوري — وجّهت هجومين حارقين “معاديين للسامية” استهدفا منشآت يهودية في سيدني وملبورن عام 2024. القرار شمل الشروع بإدراج الحرس الثوري على لائحة الإرهاب وتعليق عمل السفارة الأسترالية في طهران.
لكن الخطوة تأتي على وقع توتّر غير مسبوق بين أستراليا وإسرائيل منذ حرب غزة: انتقادات علنية من وزراء في حكومة ألبانيزي لنهج حكومة نتنياهو، وتحوّلٍ في الرأي العام الأسترالي نحو مزيد من التعاطف مع الفلسطينيين، إضافةً إلى مسارٍ دبلوماسي بشأن الاعتراف بدولة فلسطين. كل ذلك يفتح الباب لقراءة القرار كـمحاولة لامتصاص الغضب الإسرائيلي وإعادة تبريد العلاقة.
ماذا قال الإسرائيليون؟ إشارات تُضعف رواية “الدافع الأمني الخالص”
- متحدث الحكومة الإسرائيلية ديفيد منسر قال إن إسرائيل “أحرجت أستراليا فأجبرتها على التحرك” ضد إيران — خطاب يوحي بأن القرار جاء تحت ضغط تل أبيب أكثر ممّا هو قناعة ذاتية لدى كانبيرا.
- تقارير نقلت عن مكتب نتنياهو أنه كانت هناك “مداخلة في الوقت المناسب” دفعت أستراليا لاتخاذ الإجراء، وهو ما أثار غضب كانبيرا التي عدّت الادعاء “هراءً كاملاً”. هذه السجالات تعزّز سردية أن الخطوة قد تكون محاولة تغطية على مواقف أستراليا الناقدة لإسرائيل في ملف غزة.
- الحكومة الأسترالية بدورها نفت بصورة قاطعة أن يكون القرار نتيجة “تدخّل” إسرائيلي، مؤكدةً أنه استند حصراً إلى مسارٍ استخباري وقضائي داخلي. النفي الأسترالي لا يبدّد الانطباع في إسرائيل بأن كانبيرا تحاول “تسديد فاتورة سياسية” من دون تغيير جوهر مواقفها من حرب غزة.
من زاوية الأمن الداخلي، لا تمتلك أستراليا أساسًا صلبًا لقرار الطرد . لكن من زاوية السياسة الخارجية، تأتي الخطوة بمثابة مبادرة تهدئة تجاه إسرائيل بعد أشهر من التلاسن والانتقادات والاختلافات حول غزة والاعتراف بفلسطين. واللافت أنّ تل أبيب نفسها قدّمت الرواية على أنها نتاج ضغطها، لا تحوّل في موقف كانبيرا — ما يجعلها، في عين الإسرائيليين، “خطوة تكتيكية” لا تغيّر الخلافات البنيوية. وهو ما يرجّح استمرار الاشتباك السياسي والإعلامي بين الطرفين كلما عاد ملف غزة إلى الواجهة.