في قلب الحصار: قصة أنس الشريف الصحفي الشجاع
في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، حيث التجويع والحصار والدمار، يقف أنس الشريف كعين صادقة توثّق ما لا يريد الاحتلال إظهاره. تخرج الشريف من كلية الإعلام في جامعة الأقصى، ليُصبح مراسلًا ومصورًا لقناة الجزيرة، متواجدًا في قلب جحيم الحرب.
منذ بدء العدوان، رفض أنس الرحيل، حتى عندما أُجبر ملايين الفلسطينيين على النزوح. ظل يُغطي المشاهد الليلية والنهارية من القصف والمجازر والدمار في شمال القطاع .
اضطر أنس لأخذ هاتفه المحمول والصعود إلى أعلى الأبراج أو المنازل المدمرة بحثًا عن إشارة إنترنت أو شبكة إرسال، فقط ليتمكن من إرسال المشاهد للعالم، بأدنى جودة، لكن بدقة القلب وصدق الكاميرا.
واجَه تضييقًا ممنهجًا: تعرض للتهديدات، وطلب منه الاحتلال التوقف عن العمل وتجنب شمال غزة، لكنه رفض الرضوخ.
حتى دُمر بيته العائلي في جباليا، وما أسوأ من ذلك: قُتل والده العجوز في قصف إسرائيلي. ومع ذلك، لم يُنَل من شجاعته. فبحسب تقارير لجنة حماية الصحفيين، بقي مصرًا على المضي في مهمته رغم ألم الفقد والخطر الداهم على حياته .
في قلب المعركة الإعلامية، لم يعتبره الاحتلال إعلاميًا فقط، بل “إرهابيًا” في حملة تشويه علنية. ورغم ذلك، كان أنس مصدرًا أساسيًا للمعلومة الحيّة، يُشاهد العالم من خلال عينيه، تنقلاته اليومية من قلب الحصار.
كل هذا جعل أنس رمزًا للصمود الصحفي، صوتًا ينقل الحقيقة تحت الماكينات الحربية. جائزة مدافع عن حقوق الإنسان الإعلاميّة من منظمة العفو الدولية التي حصل عليها مؤخرًا تشهد على تأثيره البالغ في كسر صمت الاحتلال.
أنس الشريف هو الوجه الذي واصل سرد رواية غزة رغم القصف، الجوع، التهديد، والفقد. رغم الموت المحيط به، صوّر، بل ودوّن ما لم يدونه “الإعلام المأجور”. هذا الشغف بالعمل المهني والإنساني هو ما يحوله إلى أيقونة لا يمرُّ عليها زمن، و تُسطّرها القلوب قبل الشاشات.