كيف غيّرت المسيّرات الدبابات في أوكرانيا؟

كيف غيّرت المسيّرات الدبابات في أوكرانيا؟
فادي خوري – ليبانغيت
منذ 2022 كانت الدبابة رمز القوة الثقيلة. خلال ثلاث سنوات فقط، فرضت المسيّرات الصغيرة (خصوصًا FPV والذخائر الانتحارية مثل Lancet) واقعًا جديدًا أجبر الجانبين الروسي والأوكراني على إعادة تصميم الدبابة وتكتيكات استخدامها. عدة دراسات عسكرية وثّقت مظهر الدبابات اليوم وهي مغطاة بشِباك وأقفاص وسلاسل وهياكل إضافية غير مألوفة—دليل على السرعة التي بدّلت بها المسيّرات قواعد اللعبة.
1) ما الذي تغيّر على جسم الدبابة؟
– أقفاص وأسقف شبكية (“cope cages”) فوق البرج والهيكل لعرقلة القذائف والمسيّرات التي تسقط من أعلى.
– “الدبابة السلحفاة”: هياكل فولاذية كاملة تُغلّف الدبابة لتقليل نقاط الضعف من الأعلى والجوانب—لكن بثمنٍ واضح على الوزن والرؤية وزوايا الحركة.
– شبكات/دروع قضيبية جانبية، و طوب دروع تفاعلية (ERA) موزعة بكثافة أكبر لتفجير الشحنة قبل لمس الدرع.
هذه الإضافات تنجح أحيانًا في تشتيت المسيّرة أو تفجيرها مبكرًا، لكنها تقيّد الحركة ومجال الرؤية وقد تُعطّل دوران البرج أو تخفّض سرعة الدبابة.
2) الحرب الإلكترونية أصبحت “درعًا غير مرئي”
كلا الطرفين في الحرب يثبّت مُرسِلات تشويش وأجهزة تشويش محمولة أو هوائيات على العربات الأمامية لقطع رابط السيطرة بين طيّار المسيّرة وذخيرته. النجاح ليس مضمونًا—فالمنافس يبدّل ترددات وبروتوكولات التواصل بسرعة، لكن الانتشار الواسع لتدابير C-UAS جعل بيئة السماء أقسى على المسيّرات من قبل.
3) اقتصاد الحرب انقلب: رصيد بمئات الدولارات يهزم ملايين
تُظهر حالات كثيرة أن مسيّرة بـ500–1000 دولار قد تُعطّل منظومة قيمتها ملايين. لهذا، تدفّق التمويل الشعبي والتطوّع في أوكرانيا لتأمين آلاف المسيّرات الهجومية وتحديثها باستمرار؛ وهو ما أجبر روسيا على تسريع إنتاجها وتطوير وسائل مضادة. النتيجة: سباق ابتكار سريع ومنخفض الكلفة نسبيًا مقارنةً بخسارة دبابة أو منظومة دفاع جوي.
4) التكتيك تغيّر مع الحديد
-
- تفكيك الهجمات المدرّعة الكلاسيكية: التقدّم في تشكيلات كبيرة صار هدفًا سهلًا “لمقابر FPV”، لذا انتقل الطرفان إلى تشتت أعلى، تغطية دخانية، تمويه متعدد الأطياف، و”قضم” بالأطقم الصغيرة مع حماية مضادة للمسيّرات قصيرة المدى.
- تكامل “دبابات + م/ط مُسيّرات + حرب إلكترونية”: لا معنى للدبابة من دون مظلة تشويش وقوّة استطلاع مسيّرات ترافقها؛ كما ظهرت وحدات “دراجات/عربات سريعة” لتفادي رصد المسيّرات والاقتراب الخاطف.
5) الدروس القاسية بالأرقام والوقائع
توثيق الخسائر بالصور المفتوحة المصدر (OSINT) يبيّن حجم استنزاف المدرعات لدى الطرفين، وهو ما سرّع تبنّي الدروع الإضافية والأقفاص والحلول المرتجلة. ورغم الجدل حول دقّة كل رقم، فإن الميل العام واضح: كثافة المسيّرات رفعت كلفة الدفع بالدبابات من دون حماية مضادّة مناسبة.
6) ما الذي نجح… وما قيوده؟
– نجحت الأقفاص العالية، إعادة توزيع ERA على السقف، المظلّات الشبكية، والتشويش الموجّه في محيط الدبابة؛ تكاملها يقلّل اختراقات الـFPV الرأسية.
– القيود في الوزن الكبير، إعاقة برج المدفع وأجهزة الرصد، زيادة البصمة الحرارية، وأحيانًا إحساس زائف بالأمان إذا لم تتوافر مظلة C-UAS فوق مستوى الفصيل/الكتيبة. تقارير مستقلّة نبّهت أيضًا إلى أن الروس وسّعوا قدرات مضادّة للمسيّرات تقلّص كثافة الضربات الأوكرانية في قطاعات معيّنة.
7) إلى أين تتجه عقيدة الدبابات؟
النتيجة ليست “نهاية عصر الدبابات”، بل نهاية أسلوب استخدامها القديم. الدبابة ما زالت ضرورية للاختراق والدعم النيراني، لكن تشغيلها بات مشروطًا بـ:
1- شبكة استخبار/استطلاع/مسيّرات أمامية؛
2- مظلة حرب إلكترونية ودفاع جوي قريب؛
3- تمويه ومناورة سريعة بدل الحشد المكشوف؛
4- تحديثات مستمرة على الدرع والهيكل بحسب تكتيكات المسيّرات المتبدّلة. وهذا ما تؤكدهخلاصات دراسات مراكز متخصصة ومتابعات ميدانية حديثة.
المسيّرات أجبرت الدبابة على “التكيّف القسري”: تغييرات بنيوية (أقفاص وهياكل)، تغييرات إلكترونية (تشويش ورصد)، وتغييرات تكتيكية (تشتت وتمويه). من يوفّق بين العناصر الثلاثة ينجو ويُحافظ على دور الدبابة؛ ومن يُهملها، يخسر دباباتٍ غالية أمام ذخائر رخيصة وسريعة التطوّر.