معرض دمشق الدولي…من عصر رحباني الى بهلوانية الجولاني

معرض دمشق الدولي
من عصر رحباني … الى بهلوانية الجولاني
مريم البسام – ليبانغيت
هو معرضُ دمشقَ الدوليُّ،
حيث مصانعُ الحَلا والفنِّ والعَمارةِ واستقطابُ الشركات.
ساهمَ لبنانُ في بناءِ مجدِه، ورفعَتْه فيروز والأخَوين رحباني إلى مصافِّ المعارضِ العالمية.
كانت فيروزُ تضربُ موعدًا مع الشام، وتعلنُ بالصوتِ والموسيقى والشعر:
شآمُ، أهلوكِ أحبابي وموعدُنا، أواخرَ الصيفِ آنَ الكَرْمُ يعتصرُ.
أين غارتْ تلك المواعيد؟
لا أحدَ يَغفل عن أنَّ فيروز سجَّلت أولى أغنياتها في إذاعةِ دمشق عام 1953، وكانت رائعة: حاجي تعاتبنيزهقت من العتاب.
لكنْ للبنانَ اليومَ حقُّ العتاب على اللبنانيينَ أنفسِهم وعلى السوريين أيضًا، حيث بحثْنا بين المدعوِّينفوجدْنا أنَّ:
“دورةَ معرضِ دمشقَ الدوليِّ 2025، تشملُ الدولَ التالية: السعودية، الأردن، قطر، مصر، تركيا، السودان،بلجيكا، جنوب أفريقيا، الجزائر، ليبيا، باكستان، فلسطين، أبخازيا، إندونيسيا، مقدونيا، الفلبين، بولندا،التشيك، إلى جانب غرفةِ تجارةِ أوروبا.”
ولدى السؤال عن غيابِ لبنان، تبيَّن أن هناك دعوةً قد وصلت فعلًا إلى وزارةِ الخارجيةِ اللبنانية، التيصارت في عدادِ المغتربين، ولم تُلبِّ الدعوةَ للمشاركة. فيما سوريا، لكأنها غنّت:
“عايشة بعيدة عن ليالي الصفا
عيشة جفا وبحكي مع الناس بجفا
يا هل ترى مش هيك بيكون الوفا
وكيف بيكون الوفا اعطيني جواب.”
فمن قرَّر أن يكونَ لبنانُ بمنأىً عن الشام؟ الجهتان السورية واللبنانية معًا، وبجهلٍ تامٍّ عن تاريخِ المعرضومشاركةِ اللبنانيين فيه.
لقد أحيت فيروز دورتَه الأولى، واستمرَّ حضورُها في معرض دمشق الدولي سنويًّا دون انقطاع، حتى معبلوغِنا مرحلةَ الحربِ الأهلية.
هناك، على مسارحِ معرض دمشق الدولي، كانت تتدلّى مسرحيات، وتُرفَع أمجادُ أغنياتٍ ستدخلُ التاريخ.
لم يسبق لفيروز والرحابنة أن كتبوا لأنظمةٍ ورؤساءٍ وزعماء، بل حرصوا في كلِّ العواصم أن يُغنّوا للمدنِوشعوبِها.
ولطالما جلس سعيد عقل يُسيِّجُ الشامَ بقصائدَ لم يصلْ إلى مرتبتها أحد، فيُعمِّرها “كما الأعمدة”،ويشيِّد عليها بيوتًا من الشعر نسكنُ حنينَها:
مرَّ سعيدُ عقل مثلَ نسمةٍ من بردى
تحملُ العمرَ تُبَدِّدُه .. آهْ ما أطيبهُ بَدَدا
رُبَّ أرضٍ من شذىً وندىً وجراحاتٍ بقلبي عِدا
سكتَتْ يومًا فهل سكتتْ؟ أجملُ التاريخِ كان غدًا.
ودخل إلى هذا التاريخ الموسيقار محمد عبد الوهاب بعصاه الموسيقية السحرية. وتوالت المبارزةُالفنية بينه وبين الأخوَين رحباني على أرض الشام، إلى أن قرأنا مجدَها في القلبِ وفي الكتب:
“شآمُ ما المجدُ، أنتِ المجدُ لم يَغِبِ
إذا على بردى حَورٌ تأهَّلَ بي
أحسستُ أعلامَكِ اختالتْ على الشُّهُبِ.”
وفي معرض دمشق وُلدت ميثاقيةُ بلدَين في:
“أحبُّ دمشقَ هَوَايَ الأرقَّ
أُحبُّ جِوارَ بلادي
ثرىً من صِبا وودادِ
رَعَتْهُ العيونُ جميلةْ
وقامةٌ كحيلةْ
أحبُّ، أحبُّ دمشقَ.”
ولعلَّ “يا شام عاد الصيف” كادت أن تصبح نشيدًا سوريًّا في زمنٍ شهد على أولِ الرصاصِ اللبناني – اللبناني. وحينها قالت فيروز:
“فأنا هنا جُرحُ الهوى، وهناك في وطني جراحُ.”
ونحن كشعوبٍ في بلدَين نُردِّد اليومَ، وبعد إصرار البلدَين على صناعةِ الجفاء:
“يا حُبُّ، تمنعُني وتسألُني متى الزمَنُ المباحُ
وأنا إليكَ الدربُ والطيرُ المشردُ والأقاحُ
في الشامِ أنتَ هَوًى، وفي بيروتَ أُغنيةٌ وراحُ
يا شامُ، يا بوّابةَ التاريخِ، تحرسُكِ الرماحُ.”
لكنْ، كلُّ هذا التاريخ لم يُعطِنا حقَّ الشفعة، وبقينا كلبنانيين خارج الأسوار السورية، ومعارضِها السياسيةقبل الفنية والاستثمارية.
شامُ يا ذا السيفِ لم يَغِبْ.. غير أن هذا السيفَ الذي سنَّه سعيدُ عقل شعرًا، يُجافي حُكمًا وُصِل على سنٍّورُمح.
يا شامُ، يا بوّابةَ التاريخ، تحرسُكِ الرماحُ.. مِن حَمَلَتِها وشاهري جهلِها، وممّن حوَّلوا معرضَ دمشقَالدوليَّ إلى مهرجانٍ بَهلواني مستوحىً من عصرِ جولاني .