230 مليونًا للجيش اللبناني : دعمٌ فنيّ برسائل سياسية مزدوجة

 230 مليونًا للجيش اللبناني : دعمٌ فنيّ برسائل سياسية مزدوجة

230 مليونًا للجيش اللبناني : دعمٌ فنيّ برسائل سياسية مزدوجة

ليبانغيت

أقرّت  إدارة الرئيس دونالد ترمب عن 230 مليون دولار لمؤسستي الأمن اللبنانيتين (190 مليونًا للجيش و40 مليونًا لقوى الأمن الداخلي) قبل ساعات من انتهاء السنة المالية الأميركية في 30 أيلول، ما أكسب الخطوة صفة الاستعجال وحماها من تجميد محتمل بفعل الإغلاق الحكومي الفدرالي.

القرار لا يمكن فصله عمّا صرّح به المبعوث الأميركي توم باراك خلال الأسابيع الماضية حين قال صراحة: «لن نسلّح الجيش كي يقاتل إسرائيل… بل  نرغب في تسليحه ليقاتل أبناء شعبه (حزب الله)» — تصريح استُقبل بردود فعل غاضبة في بيروت واعتُبر اعترافًا بأن الهدف من بعض أشكال الدعم الأميركي هو تقليص القدرة العسكرية للحزب .

هذا الربط بين التوقيت والقول العملي لباراك يضع الخطوة الأميركية في خانة رسالة مزدوجة: من ناحية، مساعدة فنية لتعزيز مؤسسات الدولة اللبنانية، ومن ناحية أخرى، ترتيبٌ عملي يسعى لإضعاف قدرة حزب الله العسكرية عبر تقوية الدولة باعتبارها البديل الشرعي. لكن المسألة تحوي مفارقات خطيرة:

1- التمويل طُرح قبل أن يتوقف عمل الحكومة الأميركية، ما يعني أن واشنطن أرادت «قفل» هذا الملف خارج منطق المساومات الداخلية في الكونغرس.

2- حديث باراك يحدّد النتيجة المتوقعة — أي أن السلاح الرسمي سيُستخدم في المقام الأول لمواجهة الحزب داخل لبنان، لا دفاعًا عن لبنان ضد اعتداء خارجي .  قراءةٌ تُغذي اتهامات الخصوم بأن واشنطن تسلّح الجيش بشروط قاسية تمنع عليه أي دفاع بمواجهة مع اسرائيل.

على الأرض، يبقى السؤال: كيف ستُترجَم هذه الأموال إلى إجراءات عملية دون أن تُعمّق حجم الانقسام الداخلي؟ خطة الحكومة اللبنانية لحصر السلاح بيد الدولة طُرحَت رسميًا هذا الصيف، لكن حزب الله رفضها واعتبرها خدمةً لمطالب إسرائيل، فيما يرى مؤيدو الخطة أنها السبيل لإعادة سيادة الدولة. الدعم الأميركي الآن قد يسرّع تنفيذ خطوات عسكرية أو لوجستية للجيش وقوى الأمن، لكنه قد يزيد أيضًا من شبهات تسييس المؤسسات الأمنية.

ختامًا، لا يمكن فصل توقيت الإفراج عن الـ230 مليونًا عن الخطاب السياسيّ للمبعوث الأميركي: حين تُصادق واشنطن قبل ساعات على تمويل يُبرَّر علنًا بـ«نزع سلاح حزب الله» وفي الوقت نفسه يسمع اللبنانيون مسؤولًا أميركيًا يقول علنًا إن الهدف ليس الدفاع عن لبنان من إسرائيل، بل مواجهة داخلية، فإن الرسالة تصبح واضحة — واشنطن ترجّح هدفًا استراتيجيا يتقاطع مع أمن إسرائيل على ملفات داخلية أميركية أُخرى.

مقالات ذات صلة