بيروت تستعد للاشتباك السياسي، وربما الأمني : تصعيد داخلي يتقاطع مع ضغوط أميركية وإسرائيلية
بيروت تستعد للاشتباك السياسي، وربما الأمني : تصعيد داخلي يتقاطع مع ضغوط أميركية وإسرائيلية
علي منصور – ليبانغيت
لم يكن تكثيف الجيش اللبناني لانتشاره في بيروت والضاحية وعلى الطرقات الحساسة مجرّد إجراء أمني روتيني. فالتوقيت، المتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، يشي بأن البلاد مقبلة على مواجهة سياسية من العيار الثقيل. الجلسة المخصّصة لمناقشة خطة حصر سلاح حزب الله تحت عنوان “تعزيز سلطة الدولة” تحمل طابعًا تصعيديًا، لا يقتصر على الخطاب بل يذهب نحو خطوات عملية قد تغيّر موازين الداخل.
لكن ما يجري في بيروت لا يمكن فصله عن الضغوط المتصاعدة من الخارج. صحيفة نيويورك تايمز كانت قد كشفت عن تهديد أميركي مباشر بضرورة نزع سلاح حزب الله، وهو تهديد يترافق مع تصعيد عسكري إسرائيلي على الحدود الجنوبية ومحاولات فرض معادلة جديدة بالنار. هذا التلازم بين الضغط السياسي والضغط الميداني يضع الحكومة أمام خيار حرج: إما مجاراة المطالب الدولية، أو مواجهة احتمال اهتزاز الوضع الأمني في الداخل.
وتزداد الصورة وضوحًا مع الإعلان عن زيارة مورغان أورتاغوس، المتحدثة السابقة باسم الخارجية الأميركية، إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل. مصادر متابعة تشير إلى أنّ زيارتها ليست سياسية بالمعنى التقليدي، ولا تهدف إلى التفاوض أو الانخراط في بازار اللقاءات البروتوكولية، بل هي زيارة مخصّصة لمتابعة الشق الأمني التنفيذي، أي وضع الآليات العملية للقرارات التي يجري طبخها.
هكذا يصبح المشهد مترابطًا: حكومة تبحث قرارًا تصعيديًا حول السلاح، جيش في حالة استنفار غير مسبوقة، ضغوط أميركية مكشوفة، تصعيد إسرائيلي مرافق ومحسوب، وزائرة أميركية تأتي لتسكب البنزين على النار المشتعلة. لبنان، باختصار، أمام لحظة اختبار كبرى، حيث يجتمع الداخل والخارج على جزء أساسي في الداخل ، وتتواجه السلطة والنسيج الشيعي اللبناني على مفترق لا يشبه ما سبقه.
إنها ليست مجرّد جلسة حكومية عابرة، ولا انتشارًا أمنيًا ظرفيًا، بل مشهد يعكس انتقال المواجهة إلى مستوى أكثر خطورة: مواجهة مفتوحة على احتمالات الانفجار. فإما أن ينجو لبنان من فخّ التفجير المرسوم له، أو يُدفع دفعًا نحو صدام سياسي وأمني قد يطيح بما تبقّى من استقرار هشّ. إنها لحظة الحقيقة، حيث يسقط التوازن الهشّ، ويُختبر الكيان اللبناني تحت ضغط النار والسياسة معًا.