عندما تتكسر القوانين على صخور المصالح… العمال الكوريون بين واشنطن وسيول

 عندما تتكسر القوانين على صخور المصالح… العمال الكوريون بين واشنطن وسيول

عندما تتكسر القوانين على صخور المصالح… العمال الكوريون بين واشنطن وسيول

ليبانغيت

لم يكن المشهد عاديًا حين داهمت سلطات الهجرة الأميركية موقع إنشاء مصنع بطاريات في ولاية جورجيا لتعتقل مئات العمال الكوريين الجنوبيين. قانونيًا، ما حصل يدخل في إطار صلاحيات الأجهزة الفدرالية التي تلاحق أي خروقات لشروط الإقامة والعمل. لكن سرعان ما تبيّن أن القضية ليست مجرد ملف هجرة، بل أزمة سياسية ودبلوماسية بين دولتين ترتبطان بتحالف استراتيجي طويل الأمد.

من القانون إلى السياسة

القوانين الأميركية واضحة: أي عامل أجنبي يخرق شروط التأشيرة أو يعمل خارج الإطار المرخّص به مهدد بالترحيل أو العقوبة. لكن حين تحوّلت القضية إلى مئات العمال الكوريين في مشروع ضخم يدخل ضمن صناعة البطاريات والتحول الطاقوي الذي تراهن عليه واشنطن، اصطدم النص القانوني بجدار المصالح الاقتصادية والتحالفات السياسية.

تدخل سيول السريع

سيول لم تنتظر طويلًا. ضغطت عبر قنواتها الدبلوماسية على واشنطن، محذّرة من أن توقيف هذا العدد الكبير من مواطنيها يمثّل إهانة، وقد يترك أثرًا سلبيًا على العلاقات الثنائية، خصوصًا أن البلدين يتعاونان عسكريًا واقتصاديًا في ملفات شديدة الحساسية من شبه الجزيرة الكورية إلى أسواق الطاقة والسيارات الكهربائية.

الاتفاق: القانون ينسحب والمصلحة تنتصر

النتيجة كانت اتفاقًا عاجلًا يقضي بإطلاق سراح العمال. لم يعد يُتحدث عن وضعهم القانوني ولا عن مخالفات الهجرة، بل عن “تفاهم ثنائي” لتسوية الملف. وهكذا، تحوّل ما بدأ كعملية إنفاذ قانون إلى ورقة مساومة سياسية، وأُرسلت رسالة واضحة: في مواجهة المصالح، القوانين قابلة للتراجع، والأحكام تسقط أمام أولويات الاقتصاد والتحالفات.

ما وراء الحادثة

القصة أكبر من مصنع بطاريات في جورجيا. إنها صورة مصغّرة عن كيفية إدارة واشنطن لتحالفاتها: القانون يُطبَّق على الضعفاء، أما حين يتعلق الأمر بشركاء استراتيجيين، فالقانون يصبح تفصيلاً ثانويًا. والأهم أن هذا الحادث أظهر بوضوح أن الحديث عن سيادة القانون في الولايات المتحدة يبقى مشروطًا، يخضع للمساومة السياسية، ويتحطم كلما اصطدم بصخور المصالح.

العامل الفردي الذي يتسلّل عبر الحدود بلا سند سياسي يجد نفسه سريعًا في الطائرة نحو بلاده ، يُرحَّل بلا نقاش. أما حين يكون وراء العمال مصانع بمليارات الدولارات وتحالفات استراتيجية، تتحوّل أميركا إلى محامٍ بارع يبحث عن المخارج القانونية والدبلوماسية. والنتيجة: هناك قانون  للفقراء والمهاجرين المجهولين… وقانون آخر للأصدقاء الكبار وحلفاء المصالح.

مقالات ذات صلة