كيف قرأت الصحافة الأميركية القصف الإسرائيلي على قطر؟ بين انتقادات علنية وتردّد البيت الأبيض
كيف قرأت الصحافة الأميركية القصف الإسرائيلي على قطر؟ بين انتقادات علنية وتردّد البيت الأبيض
ليبانغيت
في صباح 9 أيلول/سبتمبر 2025، دوّى انفجار كبير في الدوحة بعد غارات إسرائيلية استهدفت قيادات من حركة حماس كانوا يعقدون اجتماعًا في ضواحي العاصمة القطرية. الهجوم أسفر عن مقتل ستة أشخاص، بينهم عنصر من الأمن الداخلي القطري، وفتح مباشرة مواجهة سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة: إسرائيل تقصف في قلب دولة حليفة لواشنطن تحتضن أهم قواعدها العسكرية، وواشنطن تجد نفسها بين نارَي إسرائيل وقطر.
الرواية الأميركية الرسمية وتناقضاتها
البيت الأبيض سارع إلى إعلان أنه “لم يكن على علم مسبق بالضربة” إلا قبل دقائق من تنفيذها، وأن الرئيس الاميركي دونالد ترامب طلب من مبعوثه ستيف ويتكوف إبلاغ الدوحة، لكن “بشكل متأخر” كما ورد في التسريبات. الرئيس نفسه صرّح بأنه “غير سعيد جدًا” بتنفيذ العملية على أرض حليف مقرّب، لكنه حرص على القول إن القرار «كان لإسرائيل وحدها» وإن الضربة «لا تخدم مصالح إسرائيل ولا الولايات المتحدة»—تصريح قرأته وسائل الإعلام كرسالة مزدوجة: انتقاد شكلي لإسرائيل من جهة، وحرص على تجنّب صدام معها من جهة أخرى.
المعضلة ظهرت حين نفت قطر تلقي أي إنذار قبل الضربة ، إنما بعد عشرة دقائق من دوي الصواريخ، ما جعل الصحافة الأميركية تتوقف عند فجوة الروايات وتطرح سؤالًا أساسيًا: من علم ومتى؟ هذه النقطة سلّطت الضوء على ارتباك البيت الأبيض وقلّلت من مصداقية موقفه.
انتقادات الإعلام الأميركي
– واشنطن بوست: اعتبرت أن الضربة لم تخدم مصالح واشنطن أو تل أبيب، وأنها أضعفت الدور القطري كوسيط، وهو ما قد يُقوّض المسار الدبلوماسي الذي حاولت الإدارة الأميركية الترويج له.
– رويترز: أبرزت أن البيت الأبيض بدا “غير سعيد جدًا” وأكد أنه لم يشارك في القرار، في إشارة واضحة إلى أن إسرائيل تصرّفت خارج التنسيق.
– ABC News: ركزت على ارتباك الموقف الرئاسي، ناقلةً تصريح ترامب بأنه “غير سعيد”، لكنها عرضته كرسالة حذرة أكثر من كونه موقفًا حازمًا ضد إسرائيل.
– PBS NewsHour: قدّمت صورة أكثر نقدًا، موضحة أن الضربة وقعت بينما كان قادة “حماس” يناقشون الرد على مقترح وقف إطلاق النار الأميركي، ما جعل العملية تعرقل المسار الدبلوماسي.
– Axios: نقلت عن مصادر في الإدارة الأميركية أن الضربة كانت «صفعة» لجهود ترامب، وبيّنت حالة الصدمة في البيت الأبيض من تنفيذها من دون تنسيق كامل.
– الغارديان: قرأت المشهد من زاوية استراتيجية، معتبرة أن الضربة أظهرت أن واشنطن «على الهامش» وأن إسرائيل قادرة على فرض وقائع تتجاهل حتى مصالح البيت الأبيض.
CNN و”نيويورك تايمز”: حضور حذر وانتظار
• CNN: رغم عدم صدور تحليل مباشر حتى الآن عن الضربة في قطر، إلا أن الشبكة كانت في الأشهر الماضية عرضة لانتقادات داخلية بسبب ما وُصف بأنه “ميل مؤسسي لصالح الرواية الإسرائيلية”، عبر تغطيات تفتقر لوجهة النظر الفلسطينية أو العربية. هذا يفسّر الحذر وربما الميل إلى إبراز الموقف الرسمي الأميركي والإسرائيلي أكثر من التركيز على سردية قطر.
– New York Times: حتى الآن لم تصدر تغطية تفصيلية عن قصف الدوحة، لكن الصحيفة معروفة بتقارير معمّقة حول الشرق الأوسط. غالبًا ستتناول الأزمة من زاوية تأثيرها على دور واشنطن كوسيط، وعلى مكانة قطر كشريك أمني أميركي أساسي. تغطياتها السابقة للحروب في غزة تميزت بمحاولة إظهار تعقيد الموقف ونقل الضغوط الدولية على إسرائيل، ما يرجّح أن أي تقرير قادم لن يخلو من انتقادات للخطوة الإسرائيلية وللإرباك في البيت الأبيض.
البُعد النقدي والتضامني
– معظم الصحف الأميركية الكبرى لم تتبنَّ رواية إسرائيل بشكل مباشر، بل مارست نوعًا من النقد الضمني أو العلني للضربة باعتبارها مضرّة بالمصالح الأميركية و«مقوّضة للوساطة».
– في المقابل، لم تُسجَّل مواقف أميركية بارزة تُظهر تضامنًا سياسيًا مباشرًا مع قطر كما فعلت بعض الصحف أو الزعامات الأوروبية (مثل رئيس الوزراء البريطاني ستارمر الذي اعتبر الضربة “انتهاكًا سافرًا للسيادة القطرية”)، لكن نقل وسائل الإعلام الأميركية للتنديد الأوروبي والعربي منح مساحة غير مباشرة للتضامن مع الدوحة.
الخلاصة
الخطاب الإعلامي الأميركي تجاه الضربة الإسرائيلية على قطر اتسم بمزيج من النقد والتحفّظ:
– انتقاد لإسرائيل بسبب الإضرار بمصالح واشنطن وعرقلة مسار التهدئة، كما في واشنطن بوست وAxios.
– تشكيك في رواية البيت الأبيض حول «التحذير المسبق»، ما يضع الإدارة في موقف محرج.