لماذا يريد ترامب استعادة قاعدة باغرام الجوية؟

لماذا يريد ترامب استعادة قاعدة باغرام الجوية؟
علي منصور – ليبانغيت
تعود قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان إلى واجهة النقاش السياسي والعسكري الأميركي بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن صراحةً أنه يسعى إلى استعادة السيطرة عليها. هذه القاعدة، التي كانت القلب النابض للعمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان طوال عقدين، تحوّلت اليوم إلى رمز للانسحاب الأميركي الذي قاده جو بايدن عام 2021. لكن ما الذي يدفع ترمب لإثارة هذا الملف مجددًا؟
الأهداف المعلنة والخفية
أول ما ركّز عليه ترمب هو البُعد الجيوسياسي. فباغرام تقع على مسافة قريبة من الحدود الصينية، وتحديدًا من بعض المواقع النووية الحساسة، ما يجعلها ورقة ضغط استراتيجية في سياق المنافسة الأميركية ـ الصينية. بالنسبة لترامب، وجود أميركي هناك ليس مجرد عودة إلى أفغانستان، بل خطوة في قلب الصراع مع بكين.
إلى جانب ذلك، يريد ترامب أن يُظهر أنه يصحّح ما اعتبره “خطأ فادحًا” ارتكبته إدارة بايدن بالانسحاب الفوضوي من أفغانستان. استعادة باغرام تُقدَّم للرأي العام الأميركي كدليل على استعادة “الحزم” ورفض التخلي عن أوراق القوة الأميركية.
أما الهدف الثالث فهو المراقبة والاستخبارات. فوجود قاعدة مجهزة في أفغانستان يعني قدرة أكبر على تتبّع الجماعات المتطرفة مثل “داعش-خراسان”، إلى جانب مراقبة التحركات في آسيا الوسطى، وهي منطقة تعج بالتنافس الروسي ـ الصيني ـ الإيراني.
التحديات أمام عودة باغرام
لكن، استعادة القاعدة ليست مهمة سهلة. فهي اليوم تحت سيطرة حركة طالبان، وأي محاولة لاستعادتها تتطلّب إما تفاوضًا سياسيًا مع الحركة، أو عودة عسكرية مكلفة قد تبدو كغزو جديد. وفي الحالتين، قد تُواجه الولايات المتحدة بمعارضة شرسة محلية ودولية.
إضافة إلى ذلك، فإن الرأي العام الأميركي متعب من الحروب الطويلة، وأي خطوة تُذكّر بمرحلة “المستنقع الأفغاني” قد تتحول إلى عبء سياسي على ترامب بدل أن تكون إنجازًا. كما أن الكلفة اللوجستية والأمنية لعودة القوات الأميركية إلى باغرام ستكون هائلة في وقت تواجه واشنطن تحديات اقتصادية داخلية.
إعادة طرح قاعدة باغرام ليست مجرد خطوة عسكرية؛ إنها ورقة سياسية يستخدمها ترامب في معركته مع الحزب الديمقراطي داخلياً ، ورسالة ضغط على الصين خارجيًا. لكن بين الطموح والواقع تقف عقبات معقدة: طالبان، الرأي العام الأميركي، والتكلفة الباهظة. وهكذا تبقى باغرام في الوقت الراهن أقرب إلى شعار انتخابي واستراتيجي أكثر منها خطة قابلة للتنفيذ.